الثلاثاء، 16 يوليو 2013

الصراع الدائم بين الدين و الهوية


جِدال دائم استمر لعصورٍ، بين الدين والهويَّة؛ علاقةً، وأولويَّة؛ بدأ بلغطٍ ودعاوي؛ واستمر في شكلِ جولاتٍ ما بين الاثنين يُعرقِل كلا منهما الثانية؛ وانتهى إلى صراعٍ فيما بين هذا الدين، وهذه الهُوِيَّة!

على صعيد الآفاق السياسيَّة الحاليَّة؛ وتحت الوضعيَّة المتقدِّمة لما أسموهُ بـ "الإسلام السياسي"؛ تفاقم الخلاف بين الدين؛ والمُتمثِّل اليوم في الإسلام؛ والهُوِيَّة؛ والتي تُجسِّدها "القوميَّة العربيَّة".

لو تطرَّقنا إلي مقوِّمات،القوميَّة العربيَّة، وأركانها فِطريَّة الطابِع؛ لوجدنا الدين أحَدَها؛ لم يَخرُج عن هذه المكوِّنات، ولم يأخذ أي مكانة خاصة؛ حتى داخل هذه المكوِّنات للقوميَّة.
يقع الدين بين عدد غني من المكوِّنات لقوميَّتنا العربيَّة؛ فيُجاوِرهُ اللغة، والثقافة، والحضارة؛ والموقع الجغرافي المترابِط ؛ والتاريخ، والواقِع، والمستقبل، والتحدِّيات؛ ونزيد عليها عوامل جيدة مثل العدو، والطري، والمآل.


أرى أنَّ النقاش - والذي وصل أخيرًا للنزاع – الدائر حول العلاقة ما بين الدينِ، والهويَّةِ، علاقة مُصطَنَعَة؛ لم يطرحها التاريخ؛ ولم تُطرح إبان مراحِلهُ الأولى؛ علاقة من صُنعِ الاستعمارِ؛ خلقها، وأثراها بأذرُع، وظروف داخليَّة، وخارجيَّة؛ ذاتيَّة، وموضوعيَّة؛ وعمل على ترويجها، ودفع تدارُجها، والاهتمام بها؛ لتأخُذ حيِّز كبير، تزيحُ فيه أي تناقض رئيسي للوطن العربي؛ فيكون هذا الجدل هو التناقض الرئيسي؛ أيديولوجيَّةً، واستراتيجيَّةً، وتكتيك!

هنا يجب الإشارة إلى مسألة هامة، ومُلِحَّة؛ أن النظام عندما يفتقِر أدوات الاستقرار؛ الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو السياسي، أو العسكري؛ يلجأ إلى فتح ملفات احتياطيَّة مُسبقة التجهيز؛ وفي الغالب تكون ملفات خاصة بالإشكاليّات التي تُثري النزاعات، والفِتنة؛ وبالطبع يكون أهمَّها الأمور الروحانيَّة مثل الدين؛ فيكون بهذا موضوع مطّاط، قابِل للتأويل، والتفسير، والنقاشات، ما يصل في غالبيَّة الأحيان إلى النزاعات.

هُنا يحدث تجنيب المشاكل، والظروف الذاتية داخل الوطن؛ سواء الاقتصاديّة، أو الاجتماعيَّة، أو الثقافيَّة، أو السياسيَّة، أو العسكريَّة؛ ويلتهي الشعب في هذهِ الجِدالاتِ الوهميَّةِ؛ التي تَصُفُّ الشعوب خلالها بالفِطرة، في جانبِ من يرفع الشعارات الدينيَّة.

من وِجهة نظري، هو جدلٌ عقيم؛ لا يأتي بأُكُل، لا للقضايا الاقتصادية للشعوبِ؛ ولا للقضايا الاجتماعيَّة لها؛ أو حتى الثقافيَّة، أو السياسيَّة، أو العسكريَّة!
هو جدلٌ يتيم؛ كما أنهُ لا يُنجِب؛ ولا يصبُّ إلا في صالح الأطماع الخارجيَّة في الأوطان.

بطبيعة ترتيب التاريخ؛ فالدين مجرَّد مكوِّن أساسي من مكوِّناتِ الهُوِيَّة؛ وقياسًا للعلاقة ما بين الإسلامِ والهويَّة العربيَّة، فالعروبة قد سبقت الإسلام؛ والإسلام قد أثرى وعمَّق الهويَّة العربيَّة وثبَّت مُرتكزاتها؛ فكان أقوى هذهِ المُرتكزاتِ وداعِمها.

هُنا يذوب الجدل؛ وينتهي اللغط، لمن يُريد أن يَعي؛ ولمن يريد أن يعبُر مراحل الانحطاط؛ ولمن يريد أن يتقدَّم.
خلاف ذلك نظل ندور في دوائر مُغلقة ؛ يقع في وسطها الدين والهُوِيَّة؛ ونستنفِذ نحن طاقاتنا دون جدوى؛ فينالُ مِنَّا الراغبينَ بكل يُسر، وسلاسة!

0 التعليقات:

إرسال تعليق